العصف الذهني: لعبة عقل.

تغوص، تطفو، تتطاير، تتجمع، تدخل في ممر ضيق، تعبر بسلاسة، تختبئ، تنكشف، تركض، تستريح، هكذا يبدو شكل الفكرة ونحن نحاول التنبه إلى مسارها، ولحظة ميلادها.

مشهد يتكرر في جلسات العصف الذهني، أثناء الجلوس على الطاولة ودعوة الأفكار إلى حفلة جماعية دون تمييز لغرابتها وجنونها أو كم تبدو ناقصة وغير ناضجة، حيث يسمح لكل فكرة أن يعلو صوتها دون سقف يحدها من الوصول، دون مقاطعة، دون اعتراض، أو انتقاد حاد.

فمثلاً عند الرغبة في الحصول على فكرة مبتكرة وجاذبة وجديدة؛ سواء لبناء منتج أو صناعة حملة تسويقية أو كتابة نص إبداعي، فإن قوة الملاحظة والتنبه يعملان بمثابة قوة فردية، ويكون توظيفهما بالمشاركة ضمن فريق عمل عبر جلسات “العصف الذهني” وهي الخطوة التالية الضرورية والجديرة بالممارسة.

ما هو العصف الذهني؟

عملية تفكير ضمن مجموعة، تشجع على الإبداع وتسهم في توليد أفكار جديدة وحلول موسعة، وتمنحهم أكبر مساحة من الحرية في التعبير والمشاركة، كما يتم تدوين جميع الأفكار والحلول بشرط عدم انتقادها إلا في ختام الجلسة.

بدأت قصة العصف الذهني عام 1939م عند “أليكس فيكني أوزبورن” مدير الإعلانات في إحدى الوكالات في نيويورك، حيث كان يقصد به استخدام العقل لحل مشكلة إبداعية والذي شبهه بأسلوب الجنود وهو مهاجمة كل شخص لنفس الهدف بكل شجاعة وجرأة.

تكمن قوة العصف الذهني في أن استثمار مجموعة من العقول يعتبر قوة مضاعفة عن استغلال عقل واحد، ولأنه يشابه ما يحدث بين المنشور في علم الضوء وألوان الطيف، حيث تجتمع الأفكار مثل ضوء وتعبر عبر وسيط المنشور والمقصود به هنا: “العصف الذهني” لترسم تلك الفكرة الشاملة والمتناغمة.

كيف تتم عملية العصف الذهني؟

لا توجد طريقة واحدة ومحددة تحفز على الإبداع والخروج بفكرة عبقرية وملهمة، ووفقًا لـ “والت ديزني” -مؤسس شركة والت ديزني ومبتكر العديد من الشخصيات الكرتونية- يمر العصف الذهني بخطوات دقيقة يتغير فيها الأشخاص، وتتبدل الغرف بحسب الخطوة، وقد اشتهرت طريقته حتى ارتبطت باسمه،

فالخطوة الأولى: ما هو الشيء الذي نرغب في فعله؟

وهنا تبدأ رحلة رسم الأفكار الكبيرة التي تشكل المنتج أو المشروع ويتناسب ذلك مع عنصر المفاجأة، حيث يُرحب في هذه الخطوة بالأشخاص الحالمين، الذين يضعون افتراضاتهم جانبًا ويدفعون أنفسهم للتفكير بطرق جديدة ومجنونة دون العودة لسؤال العقل باحتمالية جدواها، كما تجهز غرفة ذات تهوية جيدة وسقف عال، لاستثمار الفرصة للتفكير بدون حدود، ويكون جلوس أعضاء الفريق بشكل دائري متقابلين، لتعزيز روح التعاون وتحفيز الإبداع على التدفق.

الخطوة الثانية: كيف نتمكن من تحقيق هذه الفكرة؟

يكون التركيز بشكل كامل على التنفيذ الإبداعي للفكرة، ويرحب في هذه الخطوة بالقادرين على تعبئة الفراغات وإزالة الشكوك حول التوقيت والإمكانية وغيره، كما تجهز غرفة عملية بسبورة كبيرة قابلة للمسح ويكون جلوس الفريق بشكل شبه دائري مقابل السبورة حتى يشارك الجميع في تنفيذ الخطة.

الخطوة الثالثة: لماذا نفعل ذلك؟ وهل نمشي في الطريق الصحيح؟

يدخل النقد في هذه الخطوة وتبدأ الأسئلة عن إمكانية نجاح الفكرة وكيف نتعامل مع العقبات وهل تحقق الأهداف المرجوة للمنتج أو المشروع؟

ويُرحب فيها بالمتمكنين من طرح الأسئلة الصعبة، ورؤية الفكرة إلى منتج أو مشروع على أرض الواقع، وتُجهز غرفة صغيرة ومحدودة وضيقة ويكون جلوس الفريق في صف واحد مقابل الخطة حتى يعزز ذلك التفكير الناقد.

وبالتالي تتعدد الطرق والاستراتيجيات المتبعة في العصف الذهني، حيث يعتمد بعضها بشكل أساسي على الأشخاص المنضمين إلى الجلسة، أو المكان، أو جدول الأعمال، وأحيانًا الوقت، وهي الاستراتيجية التي يتبعها فريق التصميم في google Ventures  بحيث لا تستغرق جلسات العصف الذهني أكثر من ١٥ دقيقة، وهي قائمة على التصويت والتي يشير أحد أعضاء الفريق أنها قد لا تكون طريقة مثالية لكنها سريعة وربما تحصد نتائج أفضل من نتائج الطريقة التقليدية المتبعة في العصف الذهني والتي قد تستغرق ساعتين.

لو افترضنا أن العصف الذهني هو لعبة عقل، فإنه وعبر الاستناد على خمسة قوانين تعمل بمثابة العلامات في الطريق، يمكن الوصول إلى خارطة مساعدة تعتمد على:

  1. ١- الجرأة: الفكرة التي تتردد منها، أطلقها.
  2. ٢- الانفلات: أنت حر، باستطاعتك صنع سقف للفكرة أو التحليق بها.
  3. ٣- التركيب: ليس بالضرورة أن تبدأ من الصفر، اصعد على فكرة.
  4. ٤- المحاولة: لديك رصيد لا نهائي من التجريب، وكل الأفكار ممكنة.
  5. ٥- المرونة: كن رحبًا، واقبل انتقاد الفكرة أو رفضها أو تغيير بعضًا من أجزائها.

وأخيرًا،

هل تؤمن أن استثمار الأفكار الفردية في جلسات العصف الذهني تسهم في إنتاج عمل إبداعي استثنائي ومتكامل؟ شارك تجربتك

 

كتابة:

ساره باحليوه – كتابة إبداعية في تاكت

المراجع:

99u

Themuse